المشاركات

أيها الكادحون لنرحل*

     نرسم خططاً، ننام على الآمال العظيمة ونصحو على حقيقة ، ونجابه مصاعب الحياة ولكن بلحظة نعود إلى حيث بدأنا من الصفر. هكذا هي الحياة! وهكذا مضت علينا سنة القدر، وبذلك حُكِم علينا! أن نكدح حتى تتلاقى دموع الحزن مع قطرات العرق في لحظة واحدة!. وفي جسدٍ واحد!. اجتمعت على صعيدٍ واحد ، واختلفت في عِلل السقوط ، ونحن ما بين دمعة عجز وقطرة شقاء ننسحب تارة ونقاتل تارة أخرى. لقد عصفت بنا الحياة حتى ظننا بأنا لسنا كباقي البشر!.         لم تكُ لدينا أي مشاكل مع الحياة! سوى أننا «أتينا الحياة بحلم برئ فعربد فينا زمان بخيل». ولا نعلم ما الذي جرى حتى ينهدم كل الذي بنينا. وأصبحنا نقلب كفوفنا ونغني (حلمي كبير،، كبير،، كبير كبير ،،، في لحظة انهدم).        جراحنا لا تُداوى بكلام المختصين بالتنمية البشرية، ولا يضمدها علماء النفس، وعيبنا لم يكُ بأنا بلا طموح، بلا هدف وبلا مبادئ!، عيبنا هو أننا رسمنا أهدافنا بدقة!، ومشينا نحو خطى ثابتة.. حتى بتنا نقلب في صفحات ذاكرتنا ونضحك بسخرية على تلك الآمال ، فنرجو حينها أننا لو مضينا في حياتنا كما يحب ا...

*مقهى الأحياء تحت الأرض

       تجربة جديدة أن أحمل زادي وكتبي وأتوجه للمقبرة، أستكشف أشياء جديدة، سأسمع لغاتٍ غير لغات أهل الأرض، قصصاً وأساطير حصلت داخل سياج المقبرة، لا أحد يعلم تفاصيلها إلا سكان المقابر! وموقنٌ تماماً أن الموتى يحسون بخطواتنا وأحوالنا. وأرفض تماماً أن تُسمى (مقبرة) أو (مجنة)؛ أسميه: مقهى الأحياء تحت الأرض!        احترت لأي مقهى من مقاهي الأحياء تحت الأرض أذهب؟! ولا أدري هل هناك شروط ومتطلبات للدخول؟! الأمر الذي متأكد من عدم وجوده في قائمة شروط المقهى هو خلوها من الواسطة! أصلاً من يريد أن يدخلها؟! ومن سيمنعه؟! حتى (الذين يريدون الانتحار هم في الأصل يريدون قتل شيء ما بداخلهم لا قتل حياتهم!).        كل المقاهي تتشابه، سكانها عُراة لكنهم أعفّ ممن فوق الأرض! حتى الذين كانوا يدخنون بشراهة لا أراهم يدخنون! أحاديثهم عن أنفسهم فقط، كلهم يروون طريقة موتهم! حيث كل الطرق على هذه الحياة تؤدي للموت، لكن طريقة انفصال الروح من الجسد ورقيها للسماء مختلفة! هكذا استنتجت عندما أصغيت لسكون المقبرة!.  ...

في موت الأشباه*

صورة
عندما كنت طفلًا كان الموت في ذهني أشبه بموت صغير يكبر و ينعتق من أحضان الميت كطفلٍ فُطِم , فيعود لنا الميت حيا, نتشارك معه الضحكات, و نتقاسم تفاصيل الحياة معه, كانت صورة ذهنية توحي بأن الموت هو راية سلامٍ تغرس في قلب الميت لترفرف ذكراه في أذهاننا كلما هبت رياح الشوق , أمر بسيط جدا أن يموت شخصٌ ما , أمر بسيط أن تقبر معه الحياة كلها, أمر تافه للغاية أن نبكي على الأموات!. ربما استبسطت كل ذاك عن الموت , في الحقيقة لم نكن نسميه موتا, كانت طفولتنا تسميه غياب!, وحين نسأل الكبار :أين ذلك الشخص؟!,, يقولون صعد للسماء, أو يجزمون بأنه مرتاح في قبره وأنه في عليين! وما أدرى الطفل عن عليين؟!.ربما هي أعلى قمة في جبال القرية, أو أعلى بنيان يسكنه الأموات ثم يعودون... لن يرضى الموت بهذه الصور الذهنية عنه في داخل الطفل!, أتخذ كل أساليب الحياة ليغير صورته النمطية, ولا أدري كيف فعل ذلك ؟!,, هل وقع عقد اتفاقية مع الحياة التي هو نقيضها, أم أصبحت الحياة شديدة فتماثلتْ مع الموت؟, لست أدري, كل ما أعرفه أن الموت استطاع أن يلوي معصم ذهني؛ لأخافه!. لقد فعلها!.جعل الحياة تلقنني مفاهيم جديدة عن الموت, وتر...

مرجيحة في الذاكرة*

       تلك المرجيحه التي ركبت و انتهرني أبي معللا باختصاصها للصغار، كانت تصنع ذكريات. أبي لا يعلم بأن روائح الذاكرة تتعلق في مسميات الأشياء التي كنا نشاهدها وتبقى فيها وتذكرنا بطفولتنا كلما مررنا بشواهدها و ألفاظها!.          حين كنت طفلا كنت أتمرجح على وسادة معلقة على غصن كينة في فناء جارنا، وكنا نتناوب عليها أنا و أصدقاء الطفولة... ! ذات مرة اختلفنا من لعب أكثر!، و اتفقنا أن أنا أكثر و هم أكثر!!. لكن الطفولة تأبى التعادل. فانفعلت و رمتني بكباب الطين، فصفعتُها على خدها الأيمن!...لم أكُ أطيق نشوة الانتصار أن تغادرني فهربت بها حين ملكتها!.استقبلتني أمي عند مدخل بيتنا وقد نُبِّئَت بما جرى!، لامتني و وبختني فحسب!. لم تحبذ أن تجرحني أكثر لعلمها أن باليوم التالي سأذهب للجيران وكأن شيئا لم يكن!.         في اليوم التالي، عدت لكينتنا و لكن لم أجد «المرجيحة «سألتها و قالت: انقطعت!، و هنا تأبى الطفولة أن تتقبل الأمر!، تسللنا لغرفة أمها و استرقنا عكيفها لنربط به «المرجيحة»، ل...

منهاج الحياة عند سيد المقاهي*

          صديقي سيد المقاهي شاعر وجماليُ أراه يرتاد المقاهي حتى آخر رمق من حياته، تتبعت حياته حتى صادفته في مقهىً يتميز بالضوء البنفسجي الخافت وقهقهات وحكايا متداخلة في بعضها دون اعتراض، مع أغانٍ وموسيقى. يتأمل سيد المقاهي في البشر، ويلقف كلمات طائرة مع الدخان؛ ففي المقاهي تنتفض الكلمات، ويقرأ مرتادي المقاهي ويصنع من تعابير وجوهِهم حكايا وتأويلات. كما يصنع من حكاياهم قصائدْ.          هذه الأجواء تمكنك من نثر كل مشاعر الوحدة على أرض المقهى إما أن يمسحها النادل بمعقمات أو أن تتطاير مع الدخان. كما أنها تفاجئُك بأغنية عزفت على شريان قلبك «سامحت جرحك»، ثم تسمع صوتا يغني معها» وغيباتك وتقصيرك»، صاحب الصوت تراه نحيلا متلثما في زاوية يعيش وِحدة؛ لعله فارقه من يحب، أو يحمل شهادة البكالوريوس تحت إبطه!. لم يجد من يواسيه إلا إرجيلة فرعونية تكبح جماح تفكيره وتحد من مدى تأملاته المستقبلية.            سيد المقهى لن يرى أعين تلتف وتتلصص عليه، لذلك ...

وقفة مع مصطلح التغريب *

           في مقالي المعنون بـ(حصر المفاهيم و مأزق القيم) شرحت فيه أن كيف يؤثر حصر مفهوم في مصطلح وتقنين معناه بمثال واحد ينحصر في مفهوم المصطلح. ولأن لكل مفهومٍ مصطلحٌ يخصه ويرسم صورته الذهنية كان لزاما أن نربط بين المقال السابق وهذا المقال كي تكتمل حلقة المعنى, وتنحل الإشكالية بأبسط صورة حين نشخص إشكاليات القضية.    من أزمة حصر المفهوم إلى أزمة فهم المصطلح التي دائما ما تكون شرارة الانفعال حين تُمس بسوء, وسنفند مصطلح «التغريب» ونضعه تحت المجهر كمثال لا للحصر. التغريب له معنين وكلامهما لهما نفس الانطباع عند المجتمع, فقد يأتي بمعنى التشبه بالمخالفين, وقد يأتي كحالة من الحالات الاجتماعية والتي لها علاقة بسلوك ديني لا يطبقه إلا قلة بين أكثرية مخالفة, وله دلالة زمنية.         أما معنى التغريب كتشبه فهو من مصدر غرب. و لو بحثنا جغرافيا عن موقع الغرب فسيشمل كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وهنا يجدر بنا السؤال لماذا هذه المنطقة الجغرافية دون غيرها؟, لماذا لا يوج...

يا زير يا زير يا زرقواني*

               هيبة القبيلة و واجهتها في الماضي كانت مركوزة على جمادات و عادات وأعراف . هذا المزج بين الركز الحسي و الركز المعنوي خلق تناغما في حياة الجماعة في القرية. فأدوات العمل كانت تشكل طابع يخص القبيلة و يميزها عن بقية القرى. و "الزير" يتصدر قائمة أدوات القبيلة الخاصة بها . حيث أنه كان وسيلة للتحفيز على الجد والعمل و كان معينا على بلوغ النشوة في أوقات هزل القرية, كما أنه كان وسيلة إعلامية هامة حيث لكل نبأ إيقاع خاص يميز فيها المستمع غاية النداء و الحدث .       و هناك الكثير من الشواهد التي كان الزير فيها قائدا روحيا للقروية , و مهيض لقرية الشعار, و من الزير العتيق تتولد القصائد الملحمية الخالدة في إيطار البدع والرد. ولا يخلو موقف مشهود من قصيدة عفوية تُلقى فيزفها الزير و يمضي القروية على أنغامه حتى يصلو لمبتغاهم أو ينجزو مهماتهم .        في مواسم الحصاد , ينشد الحاصدون بشقهم الأيمن على الأرض : يا زير يا زير يا زرقواني ,, وأنت الذي خذت عقلي عليه , في...