رسالة القديح للتعايش الصادق





    حادثة القديح و بكل حق و حقيقة أثبتت تماسكنا , و  رمي كل الخلافات لمصلحة الوطن. فلا أحد يساوم على الوطن, فهو لمن بعدنا من أبناءنا, و أمنه فوق كل اعتبار.فبالأمن ننعم و نتعايش.

 و التعايش يعني: أن هناك قوانين تضبط, و قواسم مشتركة , و خلاف. بالإيمان  بهذه النقاط الثلاث يكون هناك قاعدة تعايش أبدية خالية من النفاق و التعاطف المؤقت.


قالت لنا القديح: أن الحادثة  صفحة جديدة بيضاء نرسم فيها المستقبل الحافل بالتعايش السلمي الصادق, و ذلك لن يكون إلا بوضع قوانين تضبط و تضع حدود للنشاطات الاجتماعية والدينية و التركيز على القواسم المشتركة و على نقاط التوافق و تجاهل الخلافات و تجريم مثيريها. لاسيما مع  وجود التواصل الاجتماعي الذي يعيش فيه المواطن أكثر  من حياته الواقعية حيث يغرد بما يريد  فيما فيه استفزاز للطوائف دون رادع .و لذلك  لابد من ضح قوانين تحد من التطرق للطائفية و "ازدراء الطوائف".


و القديحُ تسأل: هل تغاريد المتطرفين و التكفيريين  هو امتدادا لما في كتبهم؟!. أم هي جرعات عاطفية دينية يتلقونها؟!.  هذا سؤال جوابه مؤلم  و الحقيقة تقول : أن كتب الطرفين فيها ازدراء و تحريض على العنف, والمعضلة أن هذا الجرم يكون دينا يدينون الله به . فلذلك نفتح صفحة بيضاء ننبذ فيها ما كُتب. فما فُتِيَ به قبل قرون كانت على أحداث ذلك الوقت , و الآن نحن أبناء وطن تهمنا مصالح البلد.. و نحن أبناء جيل يعمل بالعقل لا بالعاطفة. كما أكدت لنا القديح أننا بحاجة إلى مراجعة و تنقية للفكر الديني و إزالة ما به تحريض على المخالفين. و تفعيل مبادئ التعايش مع الآخرين التي فقدناها منذ قرون.و بفقدها عشنا في دوامة الصراع.


و القديح نبهتنا : بأنا خلطنا بين الأوراق ,فتعاملنا بشكل مزدوج  مع الوطن و المعتقد, فنضع من يخالفنا في دائرة الشك بخصوص الولاء و الانتماء, و هذه براثن  الانغلاق لابد لها من الزوال حتى نستطيع التعامل مع الآخرين, فمن خالفني بالدين , لا يعني أنه عدو وطني, فالتعامل باحترام و الوطن , لا يعرفان دين ولا مذهب ,بل يعرفان إنسانية و حقوق, و الخلط ما بين المعتقد و الوطن يسبب صراع أو أقل قليل صدع  ,و ثغرة تحاول توسيعها أيادي عابثة لا تهمها مصلحة الوطن. و  تصنيفنا و حكمنا على الآخرين بمقاييس سخيفة  يجعل منهم عرضة للاستغلال الخارجي و زعزعة ثقتهم بنا. و كأنا نهيئ المكان ليكون بيئة موبوءة بالطائفية. و "العاقل من اتعظ بغيره".


لن تكتمل دائرة التعايش الصادق إلا بعد وضع قانون يحرم التطرق للطوائف  و عدم خلط أوراق الأمور الدينية بالدنيوية, و محاسبة المحرضين .  و تنقية الكتب من الأحكام التي تكون تبريرا للقتل و العنف . فالنهاية نحن أبناء  وطن نعمل لأجله و عند موتنا نلقى الله فرادا و لن يأخذنا بجريرة غيرنا. و نقول قول ربنا"لكم دينكم ولي دين".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءات في "باي باي لندن" لـغازي القصيبي

شمس الموتى

التفاحة الفاسدة*