حوار مع مسؤول قسم الطوارئ بمستشفى المندق العام.



اليوم بقسم الطوارئ بمستشفى المندق العام..



لفت نظري صورة مقززة و يشمئز منها الأصحاء فمابالكم بالمرضى..

كانت تلك الصورة لافتة للتوعية بالتدخين, ربما لا يُخفى عليكم في الأسلوب البدائي في التوعية بالتدخين حيث مضمون تلك اللافتات هو أسلوب الترهيب..

لم أطيق أن ينظر المرضى في قسم الطوارئ أن ترى أعينهم  صورة بشعة تزيد من مرضهم و تبعث فيهم النظرات التشاؤمية فالمريض بحاجة للنظر في جماليات الكون التي  تخفف القليل من آلامهم خاصة إذا كان المكان للتداوي ..

المهم ترددت كثيرا في سؤال ذلك الطبيب السوري الذي أرى بعينيه الإجهاد..

و لكن زادت معنوياتي عندما نويت أن أتحدث إلى الممرضة.. فهممت أن أسالها عن مسؤول قسم الطوارئ ولكن سرعان ما انشغلت بالمريض..

تشجعت وسألت أحد الممرضين السعوديين عن مسؤول القسم..

-من فضلك يا عزيزي لدي اقتراح أود أن أدليه للمسؤول عن القسم..

-تريد المسؤول!!..تعال معي!!

فتح باب مدخل الطوارئ و أنا أحلل الموقف .

-هذا مُستغرَب..ما الأمر؟! لم أقل شيء مزعجا!!

و في داخلي نظرات تشاؤمية أخنسها..لأني فكرت بكل عقلانية..لماذا أخاف..أردت الإصلاح فقط..و إبداء الرأي حق للجميع!.

رافقت ذلك الممرض و أشر على رجلين

-أترى ذلك الشخص الجالس على الدرج يلبس جاكيتا؟!

-نعم أراه

-ذلك هو المسؤول عن القسم..

-أها..يعطيك العافية.. ..مجمل و مشكور!!



 أنا وصلت إلى مسؤول القسم

-السلام عليكم

-عليكم السلام

-لا شك بأنك مشرف قسم الطوارئ!صحيح؟

-نعم!! حياك الله أي خدمة

-شكرا جزيلا لدي اقتراح

-يا سلام!! نرحب بك تفضل..!!

- يا عزيزي و أنا في انتظار أحد الإخوة بقسم الطوارئ ساءني منظر لا يصح أن يشاهده المرضى..فهم يحتاجون للنظر في الجمال و ما يخفف عنهم سقمهم!!

-ما هو؟!

-تلك اللافتة عن التدخين

-أها..تلك بمناسبة التوعية بأضرار التدخين!

-يا عزيزي..جميل أن يكون هناك توعية ولكن "بالتي هي أحسن" ثم إن الصورة من المفترض ألا تكون أمام المرضى,..ثم إن هذا أسلوب سيء في التوعية..لابد أن يكون الأخذ بالتي هي أحسن.. نعتمد على أسلوب الترغيب في ترك التدخين لا الترهيب..!!

-صدقت ولكن هذي ثلاث أيام ..لن تدوم طويلا.. وهذه أتتنا من جهات عليا ونحن ملزومين بها!

-لا يا عزيزي مشاعر الأخرين لابد أن تُحترم لاسيما إذا كانوا مرضى وفي مكان يبحثون فيه عن الدواء..لا بأس أن تنشروها.ثم أحسب كم من أُناس يرتاد هذا المكان في خلال الثلاث الأيام..أليس من الواجب أن نقدر الزوار و المرضى؟!

-ما عليك..لكن هذه ملزومين بها

-نعم انتم ملزومين.. لكنكم لستم ملزومين بان تضعوها في موقع حساس مثل الطوارئ..خاصة أن الطوارئ يستقبل الحالات الحرجة والتي يكون فيها مناظر غير مرغوب فيها..لابد أن نبعث روح التفاؤل في المرضى..ما شعوره بالله عليك عندما ينظر إليها.. قسم ليكره الساعة التي ذهب إلى المسشتفى عندما يرى تلك الصورة البشعة

-لكن يا عزيزي هذه سيكون لها أثر في نفوس المدخن

-لا..أنا لا أدخن و لكن أصابني اشمئزاز من هذه الصورة..ثم هذا أسلوب  سيئ في التوعية فأسلوب الترهيب سئمنا منه....

-حسنا ما ذا تقترح أن نضعها

-في أي مكان بعيدا عن المرضى و "أهل مكة أدرى بشعابها"

-شكرا جزيلا على اقتراحك..ليت بعض الناس مثلك..

-لا شكر على واجب يا أخي..

انتهى حوارنا الجميل..المهم أن ضميري ارتاح..





و أنا عائد إلى المبنى

تذكرت!!ما قام به بعض الصحفيين الذين انقادوا في لحظة غضب لعاطفتهم حيث استعملوا عملهم في الإعلام في خدمة النقد الإداري الحاد..لا ألومهم لثلاثة أسباب

-لعدم تخصصهم في علم"الصحافة"

-الانقياد نحو عواطفهم و الانصياع لحالتهم المُسْتاءة التي ولدت انفعال سلبي ترتب عليه تهجم من خلال الصحافة وهذا سيشوه معنى الصحافة و هدفها السامي

-انعدام فن"الاقتراح في مجتمعنا حيث هذا الفن معدوم كليا ولا نجيد إلا فن التسخط و التهكم والهجوم..

فعلا عزيزي القارئ..نحن لا نفعل صناديق" الاقتراحات "..لو أن هناك صناديق للتهكم ..لامتلأت في غضون أيام!!..



اللافت للنظر أني وجد لافتة عند مدخل المشفى تمنع التصوير..

برايي لا عجب.. فربمى استاء مستشفى المندق من بعض الناس في عدم تقديم شكاويهم إلى الإدارة..بل يتجهون إلى أقرب صحيفة لهم و تحت عنون"عاجل"!!



كان حوار جميل و موقف مشرف من مدير المستشفى  و مسؤول قسم الطوارئ..تحياتي لهم..حتى و إن لم يعملو بنصيحتي.فيكفيهم سمو أخلاقهم في تقبل الرأي و وجهة النظر..

 ...
مودتي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءات في "باي باي لندن" لـغازي القصيبي

شمس الموتى

التفاحة الفاسدة*